خفايا العوايد وأثرها في الإنتاج كمًّا ونوعًا (٥):

مقالات واعمدة صحفية

كتب المهندس حسب الرسول الأمين

مقال بعنوان:

خفايا العوايد وأثرها في الإنتاج كمًّا ونوعًا (٥):

كتب المهندس حسب الرسول الامين

الاستهلاك الحداثي (٢-٣):

الرياض_ الاربعاء الموافق ٢٠٢٠/٦/١١م (اضواء)

طباع الاستهلاك المتجذّرة فينا، وطبيعة الحياة الاستهلاكية، جعلت الفرد والجماعة — المحكوم والحاكم — الذي يخرج من كيس المجتمع نفسه، يتطور استهلاكياً. فكلّما أنتجته المجتمعات الصناعية، استهلكناه نحن، مثل الفرد الكسول في الأسرة أو في السكن الجماعي: لا يستطيع أن يطبخ كَسَلاً، ولا أن يغسل ويكوي كَسَلاً. فتجده يأكل كلَّ ما يُطبَخ، ويلبس كلَّ ما يجد. ثم يتطوَّر عنده السلوك الاستهلاكي لينتقي في استهلاكه، فيتخيّر من دولاب زملائه: (أحسن قطعة مكوية)، و(أفضل شِلّة طبيخة).

هذا بالضبط ما يحدث في مجتمعنا الاستهلاكي؛ نتطور استهلاكياً، فتختفي كثير من عوايد الإنتاج تبعاً لذلك. الصناعات الشعبية تندثر؛ يختفي (المُترار) و(القُوْقايَة) أمام غزو المنتج الجاهز من الصين. حتى إنّ أسماء الأدوات نفسها لا تُعرف لدى أجيال الألفينيات. تتقزّم صناعات الطواقي أمام المنتج الصيني، وتزاحم (مراكيب) الجلد بأنواعها جزمٌ من الخارج تناسب نسق (الجلابية) أو (شبشِب)، وهو خصم على حصة الصناعة التقليدية التي توقفت مكانها كما توقفت نوكيا.

الجلابية نفسها لم تخرج من التفصيل اليدوي إلى مشاغل كبيرة مثل علامة Remond الهندية التي تفصّل بطلب الزبون لكن في مشاغل كبيرة ومنتجة. بل ما زالت الجلابية تُصنَع في محلات فردية، حتى الخرز والسبح الخشبية استُبدلت بأخرى صينية بلاستيكية؛ لأن الإنتاج الشعبي الضعيف لم يتحول إلى صناعة متوسطة ولا كبيرة تستطيع أن تنافس، مع أن المستهلك موجود، لكن الإنسان المنتج ضعيف.

الخبز مقابل الكسرة، والعلامات العالمية والمشروبات الغازية في مقابل عصائر سقطت حتى من الذاكرة الشعبية. حتى الموضة مستوردة، وشكل البيوت — حتى ولو لم يكن مناسبًا للبيئة التي نعيش فيها — يتطور.

العالم يتطور إنتاجًا، ونتطور نحن في طرائق استهلاك.

كل شيء من حولنا ينطق بالاستهلاك، إلا الثرثرة ولعن الظروف، فهما الشيء الوحيد الذي ننتجه.

والحل تكاملي؛ لا يمكن أن يُنتج من دائرة واحدة. فإن قُدِّر — إن كانت هناك دائرة فاعلة واحدة — فلا يمكن أن يأتي الإصلاح منها وحدها بعمل وظيفي قاصر. فالعمل بمفهوم التغيير المُجتزَإ لن يُفلح، بل العمل التكاملي.

فلو قلنا مثلًا إنّ الدائرة الفاعلة كانت أفرادًا ناشطين في الإعلام، فإن مكان عملهم المُوجَّه يجب أن يكون إصلاح جميع شرائح المجتمع: حاكم أو محكوم، بادٍ أو متمدّن.

فإن دخان هذا الداء قد عمّ غالب الناس.

وليُعلَم أن التعذّر بالأسباب هو دَأب المستهلِك.

أما المنتج فقانونه: الحاجة أمّ الاختراع، لا "الحاجة أمّ الطلب والاستيراد".

العمل على الإنسان هو العمل الذي يُثمِر تغييرًا يومًا ما.

أما العمل على البنى المادية، فما يلبث أن يزول إن ظل الإنسان متخلفًا مستهلكًا.

نموذج نبيل عباس الفلسطيني، الذي استصلح ١٥٠ فدانًا في صحراء كردفان، حجة على كل متعذّر بالحصار الاقتصادي أو سوء الإدارة أو غيرها من الأعذار.

إذ إن كل الأدوات التي يُروى ويُفلَح بها مشروعه محلية الصنع، حتى الريّ المحوري.

وسأرفق رابط الفيديو في آخر المقال.

يتبع...

جميع الحقوق محفوظة

www.adwaamedia.com

رابط الفيديو