كتب: المهندس حسب الرسول الأمين
مقال بعنوان
*تأثير العوايد على الإنتاج كماً ونوعاً (4)*
من الكسرة إلى الرغيف.. كيف غيّرت العوايد خارطة غذاء السودان؟
الرياض الموافق ٢٠٢٥/٦/١٠م ( اضواء)
*تأثير العوايد على الإنتاج كماً ونوعاً (4)*
*الاستهلاك الحداثي (1-2)*:
أستعير مقالًا سابقًا كان أول سلسلة في مجموعة مقالات أسميتها عادات وثقافات مجتمعية، استكمالًا لمناقشة موضوع الاستهلاك الحداثي، الذي نستحدث سلوكياته فترتفع فاتورته، وتنسحب على كامل مناحي الحياة.
والمقال السابق يقول
بالجامعة، درسنا كورسًا اسمه (أغذية تقليدية سودانية)، أغلب الطلاب كانوا غير راضين عن تدريس الكورس وإدراجه ضمن المقرّر الدراسي، بحجة أنهم أحوج إلى الكورسات الهندسية من كورسات العلوم؛ وبالتالي الكورس لا يخدم توجّههم الأكاديمي بشيء.
المادة كانت جيدة فقط لو اعتُبرت جزءًا أول يمهّد ويعطي أساسًا جيدًا لطبيعة وتركيب تلك الأغذية، يكمله — أي الجزء الأول — جزء آخر يكون طابعه هندسيًا، تصميميًا، إنشائيًا، يمكن ويدفع الطلاب إلى تحويل هذه الأغذية إلى منتجات وسلع يمكن تداولها، وبيعها، وتخزينها.
في إحدى محاضرات هذا المقرر، كلّمنا بروفسير علي عثمان عن ثقافة غذائية بدأت تضمحل وتتلاشى، هي موضوع طرحنا اليوم في عادات وثقافات مجتمعية.
الكسرة في مقابل الرغيف، الأسماء معروفة في الاصطلاح السوداني، فالأولى منتج محلي، خامًا، وطريقة صنع وإنتاج.
قبل سنوات ليست بالقليلة، كان الغذاء الرئيس لسكان وسط السودان هو الكسرة من الذرة الرفيعة، وفي غرب البلاد الكسرة المصنوعة من الدخن. الخبز المصنوع من القمح المستورد كان محدودًا حتى في المدن، وربما النوادر وقصص أهلنا تقرّر ذلك.
تدريجيًا تغيّرت هذه الخارطة الثقافية الغذائية، وحلّ الخبز أو الرغيف مكان الكسرة، وأصبح الخبز يمكن أن يحرك حتى الشارع العام.
المشكلة أننا لا نزرع هذا النوع من القمح الذي يُستخدم في إنتاج الخبز المذكور؛ فقمح الخبز غير قمحنا المنتج محليًا — اختلاف في نسب ونوع البروتين — والذي لا يغطي غير 17% من حاجة البلاد.
ولتتضح سوء هذه العادة أكثر، دعنا نأخذ هاتين المعلومتين:
يستورد السودان حوالي 83% من حاجته السنوية من القمح والدقيق.
يُقدّر ما يستورده السودان من القمح بما يصل إلى مليار دولار سنويًا.
ولك أن تتخيل كيف أثّر تغيّر ثقافة شعب من حيث لا يشعر على ميزان البلاد التجاري، ورفع سعر الدولار في مقابل الجنيه.
الحل:
بعد الدور الرسمي طبعًا:
دور أهل الاختصاص: (كل من له علاقة بالتصنيع الغذائي، مهندسو تصنيع غذائي، أخصائيو تغذية...)
دور الرأسمالية في التوطين لصناعات محلية (ومن يخاطر يكسب)